افتتح مساء السبت المؤتمر الدولي الخامس عشر لجمعية لسان العرب لرعاية اللغة العربية تحت شعار "محنة اللغة العربية وعلاقتها بتقليد المغلوب للغالب"، وذلك بحضور عدد كبير من المتخصصين والباحثين من مختلف الدول العربية والإسلامية فى قلب القاهرة
فى البداية ألقت الدكتورة طيبة صالح الشذر من الكويت كلمة الوفود نيابة عنهم وأكدت أن هذا الجمع يتبنى الفكر الواعى للغة العربية كأساس لهويتنا، وعنصر لتأكيدها، وما أكثرى حاجتنا إلي ترسيخ مفاهيم العربية فى مجتمعاتنا، وأشارت إلي أن قضية اللغة العربية يجب أن تكون فى قمة اهتماماتنا الآن، وأن مؤتمر جمعية لسان العرب يركز منذ انطلاقه فى دورته الأولي عام 1994م علي التأكيد علي وجوب تعميم استخذام اللغة العربية فى التعليم والإعلام والبحث العلمى، باعتبارها أهم دعامة للوحدة والوعاء الثقافي الصحيح للأمة لكى تتكامل، مشيرة إلي أنه لهذه الأسباب فيجب أن تكون هذه القضية فى صدارة الاهتمامات القومية لأنها تتصل مباشرة بتحقيق الذات وتأصيل الهوية.
ومن جانبه وجه الدكتور سامى نجيب رئيس جمعية لسان العرب الشكر لكل من الشيخ عبد المقصود خوجة صاحب منتدى الاثنينية الأدبية بجدة والدكتور عبد المحسن القحطانى رئيس نادى جدة الأدبي علي رعاية الأول ورئاسة الثانى للمؤتمر، مشيدا بشكل خاص بحرص الشيخ خوجة ومجهوداته فى التصدى مع الجمعية لكل من يحاول إيقاف مسيرة هذه اللغة الكريمة التى أرسل الله بها آخر رسالاته إليأهل الأرض، وقال: "نحن كأهلها والمالكين لها نعانى من كوارث ومؤامرات تحاك ضد هذه اللغة من الداخل والخارج، ولم تعد هذه المؤامرات لغوية فقط، بل أيضا ثقافية وسياسية.
وأشار إلي أن العديد من دول العالم اتخذت قرارات مهمة وفاعلة للحفاظ علي لغاتها القومية، بينما نحن نعانى من سبات عميق فى هذا الأمر، قائلا: "إننا نصرخ علي مدى عقود تارة عن التعليم وتارة عن المعارف والإعلام، ولكن كأنا فى حوار الطرشان"، وأكد أنه لابد علي أنه لابد علي أصحاب القرارات أن يتخذوا القرارات اللازمة لحماية اللغة، ومتابعة تنفيذها والتصدى لكل من يحاول أن ينال منها بقرارات رادعة، وأشار إلي أن مجامع اللغة مهمتها الأولي منذ عقود هى إصدار المعاجم وتعريب المصطلحات، متسائلا أين دور هذه المجامع فى العملية التعليمية؟، وأكد أنه ليس لها دور لأنه ليس لها قرار فى هذا الأمر، وشدد علي أن اللغة العربية تهرول نحو كارثة بكل المقاييس، بفضل أهلها، وأنه لابد لهذه الأمة من هبة لنجدة اللغة العربية، وألقي المسؤولية فى هذا الأمر الأولي علي الإعلام والمسؤولية الثانية علي التعليم.
ثم ألقي الدكتور عبد المحسن القحطانى رئيس المؤتمر كلمته التى حيا فيها الحضور، وأشار إلي أن اللغة العربية باتساع قاموسها وقواعدها وصلت إلينا شفاهة، ثم مكتوبة، وأن هذه الكتابة حاولت أن ترقي بنا فجاءت علامات الترقيم لكى تجعلنا نعيش مع النص، لكن يظل السماع مهما، بدليل أن أحدا لا يستطيع أن يقرأ القرآن الكريم دون أن يسمعه، وأشار إلي أنه ليس من المتشائمين بالنسبة لمستقبل العربية، مؤكدا أنه متفائل، حيث أننا كنا قبل خمسين عاما لا نجد من يقرأ القرآن الكريم جيدا، أما الآن فنجد الآلاف ممن يجيدون قراءة القرآن قراءة سليمة مما يعنى أن اللغة العربية بخير.
ودعا القحطانى المجامع اللغوية إلي الاجتماع تحت مظلة واحدة حتى لا تتشرم، مشيرا إلي أن اللغة العربية هى التى تميز هويتنا وهى التى تجمعنا جميعا، وهى القاسم المشترك بيننا، لهذا فلا يجب أن ندخر جهدا لخدمتها.
وقام المؤتمر فى جلسته الافتتاحية بتكريم العديد من الشخصيات التى خدمت اللغة العربية فى مختلف المجالات، وكان فى مقدمة المكرمين الدكتور عبد المحسن القحطانى رئيس المؤتمر، والشيخ عبد المقصود خوجة راعى المؤتمر وتسلم درع تكريمه الأديب محمد القشعمى، وتم تكريم الدكتور جابر عبد الحميد أستاذ علم النفس التربوى بجامعة القاهرة، والدكتور محمد صلاح الدين بكر أستاذ النقد والصرف بكلية دار العلوم بالفيوم، والأستاذ السابق بجامعة الإمام بالرياض، والدكتورة سهام الفريح عميدة كلية الآداب ورئيسة قسم الإعلام بجامعة الكويت، والدكتور عبد الرحمن العيفان مدير عام الثقافة والنشر برابطة العالم الإسلامى، والصحفيين المصريين علاء ثابت ومحمد هزاع، والفنانين فردوس عبد الحميد ويوسف شعبان والإعلامى محمود سلطان، واختتم الافتتاح بقصيدة رائعة للشاعر المصري عبد الحسيب الخنانى بعنوان "ميرسي" .
ويحمل جدول المؤتمر أربع جلسات علمية تشتمل علي عدة محاور، الأولي محورها "اللغة العربية بين التيسير والتعسير تعليما وتعلما"، والثانية محورها "المجامع العربية ومدى فاعليتها فى المناهج التعليمية"، والثالثة محورها "إلهام القرآن الكريم فى علاج اللسان العربي الصحيح"، والرابعة الأخيرة محورها "قضايا العربية فى واقعنا العربي"، وتشهد هذه الجلسات بحثا سعوديا للدكتور عوض بن حمد القوزى عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة الملك سعود، بعنوان "تيسير النحو بين القبول والرفض" .